الأمراض

كيف تتعامل مع الصمت العقابي؟ وما الفرق بينه وبين الصمت العقابي النرجسي؟

 

في بعض المواقف قد يكون الصمت من أفضل التصرفات لتجنب قول أشياء قد تندم عليها لاحقا، وقد يصمت الإنسان في بعض اللحظات التي يعجز فيها عن الرد أو لا يستطيع التعبير عن نفسه، وقد يصمت آخرون نتيجة للإحباط أو الشعور بالإرهاق، لكن بعض الأشخاص يستخدمون الصمت كنوع من العقاب لممارسة القوة وفرض السيطرة على شخص آخر، وقد يستمر هذا الصمت لأيام أو أسابيع متتالية لتحقيق أهدافهم وتلبية رغباتهم من خلال الإساءة العاطفية، وهذا ما يسمى بالصمت العقابي.

فما هو الصمت العقابي؟ ولماذا يستخدمه بعض الأشخاص؟ وكيف يمكننا التعامل مع العقاب بالصمت؟ وما هي الأمور التي لابد من تجنبها عند تلقي الصمت العقابي؟ وما هو الصمت العقابي النرجسي؟ وكيف تؤثر المعاملة الصامتة على العلاقات؟ للإجابة على هذه التساؤلات وأكثر ننصحك بقراءة السطور التالية.

اقرأ أيضا: الكلوستروفوبيا، الأماكن المحفزة لها، والأسباب، والأعراض، والتشخيص، وطرق العلاج

ما هو الصمت العقابي؟

الصمت العقابي Silent Treatment أو العقاب بالصمت أو المعاملة الصامتة، كلها مسميات مختلفة لفعل واحد، يمكن القول أن المعاملة الصامتة هي شكل من أشكال الإساءة النفسية من خلال رفض التواصل اللفظي سواء من خلال المواجهة أو الرسائل النصية أو المكالمات الهاتفية، أي أنه تجاهل واستبعاد ونبذ أو إغلاق كل السبل الممكنة للتواصل بشكل متعمد لفترات طويلة قد تكون أياما وقد تصل إلى أسابيع.

يعد العقاب بالصمت من الأساليب المستخدمة في العلاقات السامة كوسيلة للعقاب أو التلاعب العاطفي والسيطرة على الضحية، وعلى الرغم من أنه سلوك يستخدم بشكل أكبر في العلاقات العاطفية إلا أنه قد يحدث أيضا بين أفراد العائلة والأصدقاء وزملاء العمل.

في بعض الأحيان قد يكون الصمت رد فعل عابر لمرة واحدة كنوع من تعبير الشخص عن الغضب أو الإحباط والإرهاق ولكن بمجرد زوال هذه المشاعر ينتهي هذا الصمت، وهو يختلف عن الصمت العقابي الذي يستخدم بشكل دوري لتلبية رغبات الشخص الذي يمارسه.

وبالطبع فإن الاستخدام المطول للصمت العقابي يؤثر بالسلب على الأشخاص المتلقين، حيث أنه يهدد احتياجاتهم النفسية ويعزز شعورهم بالرفض واللامرئية، حيث يحاول المعتدي توجيه كل اللوم إلى الضحية والتركيز على سلوكها بدلا من سلوكه.

اقرأ أيضا: فرط الحركة وتشتت الانتباه عند الأطفال (ADHD) و6 ألعاب تزيد التركيز

هل يعد الصمت العقابي شكلا من أشكال الإساءة؟ (الآثار السلبية للصمت العقابي)

 

الآثار السلبية للصمت العقابي

بالطبع تعد المعاملة الصامتة أحد أشكال الإساءة لما لها من آثار نفسية وعاطفية وجسدية، حيث أن البشر كائنات اجتماعية يتفاعلون مع السلوكيات الإيجابية والسلبية، ولكن عند قطع التواصل تماما يؤثر ذلك بشكل سلبي على الأشخاص، لذلك يعد الصمت العقابي نوعا من الإساءة لعدة أسباب:

  • التحكم في سلوك شخص آخر

يدفع العقاب بالصمت الشخص المتلقي إلى القيام بتصرفات تختلف تمام الاختلاف عن طبيعته لإنهاء هذا العقاب، مثل الاعتذار عن أمور لم يفعلها أو تحمل المسؤولية عن أشخاص آخرين أو الانخراط في سلوكيات غير مناسبة.

  • التلاعب بالعواطف

تتأثر مشاعر التقدير بالذات وفقا لردود أفعال الأشخاص من حولنا، حيث أن التقبل والتواصل يمنح الشخص السعادة، على الوجه الآخر فإن الرفض والانسحاب يصيب الشخص بالحزن والخجل، وقد يدفعه لتغيير سلوكه، وبالتالي يسبب الصمت العقابي إساءة عاطفية للشخص المتلقي وخاصة إذا كان من أشخاص ذوي أهمية في حياة الفرد.

  • تهديد احترام الذات

عندما يمارس الشخص المعتدي العقاب بالصمت فإنه يبعث رسائل للمتلقي مغزاها النبذ والتجاهل وتقليل الاحترام وعدم الاعتراف بوجوده، وكل هذه الإشارات تهدد احترام المتلقي لذاته وتجعله يشعر بعيوبه.

  • العزلة والاكتئاب

التجاهل والنبذ من الأسباب الرئيسية لانسحاب الشخص من الحياة الاجتماعية، مما يؤدي لشعوره بالوحدة والاكتئاب.

  • الاستجابة الجسدية والآثار النفسية

أثبت أن المعاملة الصامتة التي تُمارس ضد بعض الأشخاص قد تحفز القشرة الحزامية الأمامية في الدماغ، وهو نفس الجزء الذي يرتبط بالألم، لذا فإن العقاب بالصمت لا يعد ألما عاطفيا فقط ولكنه يتطور لمستوى معين من الألم الجسدي، وقد يؤدي تكرار هذه الإساءة الجسدية إلى إصابة الشخص ببعض التغيرات في الوزن أو ارتفاع ضغط الدم واضطرابات النوم.

اقرأ أيضا: فوائد الاشواجندا للتخلص من التوتر والقلق … وزيادة الخصوبة عند الرجال

لماذا يمارس بعض الأشخاص الصمت العقابي؟ (أسباب استخدام الصمت العقابي)

تختلف أسباب المعاملة الصامتة وطرق استخدامها على الرغم من أن نتائجها السلبية متقاربة جدا، فما هي أسباب استخدام الصمت العقابي؟

  • تجنب الصراع والمواجهة

يميل بعض الأشخاص للهروب من المواجهة أو تجنب التعامل مع وضع غير مريح، من خلال اتباع نهج سلبي وهو المعاملة بالصمت.

  • مهارات التواصل الضعيفة

لا يستطيع بعض الأشخاص التعبير عن مشاعرهم واحتياجاتهم، لذلك يتجهون لقمع مشاعرهم من خلال الصمت العقابي للسيطرة على أنفسهم.

  • العقاب

بعض الشخصيات العدوانية مثل الشخص النرجسي يستخدم أسلوب الصمت وقطع الاتصال لمعاقبة شخص آخر وفرض السيطرة عليه في محاولة منه لتلبية رغباته.

  • الصمت الانتقائي

يستخدم بعض الأشخاص الصمت في محاولة منهم لتجنب مواجهة موضوع معين بشكل تام، نظرا لعدم قدرتهم على مواجهة بعض المشاعر المرهقة.

اقرأ أيضا: أسباب اكتئاب ما بعد الولادة والعلاج والتشخيص

كيف يؤثر الصمت العقابي على العلاقات؟

يعد التواصل أحد أركان العلاقة الصحية، وبالتالي فإن المعاملة الصامتة وخاصة في أوقات الصراع قد تؤدي لعلاقة محطمة، حيث أن الضحية أو الشخص المتلقي للعقاب بالصمت يشعر بالتجاهل والرفض، مما يؤثر على هذه العلاقة.

الصمت العقابي Silent Treatment في العلاقات

آثار المعاملة الصامتة على العلاقات

  • انعدام الثقة أو اهتزازها.
  • الاستياء نتيجة القيام بسلوكيات غير مبررة فقط لوقف المعاملة الصامتة.
  • حدوث فجوة في العلاقة الحميمة سواء العاطفية أو الجسدية.

اقرأ أيضا: الدوبامين أو Dopamine ما هو وأسباب نقصه وأهم الأعراض وكيفية الوقاية

ما هو الصمت العقابي النرجسي؟

هو شكل سلبي عدواني من الإساءة العاطفية، يُظهر فيها النرجسي استياء ورفض وتجاهل للطرف الآخر، من خلال إشارات ورسائل مع الحفاظ على الصمت، ومن الممكن أن تكون هذه الرسائل صريحة أو خفية، في السر أو العلن.

تهدف الشخصية النرجسية من هذه المعاملة إلى زيادة ارتباك الضحية وشعورها بالتوتر والنبذ أو الخجل وعدم الاستقرار، حتى يتم التلاعب ودفع الضحية أو إرغامها على محو الذات وتلبية احتياجات النرجسي مهما كانت غير صحية أو ضارة.

والمعاملة الصامتة هي واحدة من الأدوات العديدة التي يستخدمها النرجسي لضمان السيطرة على شخص ما والامتثال لرغباته، وتمارس الشخصية النرجسية هذا الصمت العقابي بشكل متكرر، مع اختلاف مدة الصمت وكمية الإساءة في كل مرة.

كيف يمكننا التعامل مع الصمت العقابي؟ (كيفية الاستجابة للمعاملة الصامتة؟)

التعرض لأي نوع من المعاملة الصامتة هو أمر وارد الحدوث، لذا لابد من فهم ومعرفة كيف يمكننا الاستجابة لمثل هذا النوع من الإساءة؟

  • إعطاء بعض المساحة

قد يحتاج الشخص الصامت لبعض الوقت للهدوء والتفكير في الأمر من منظور آخر، كما أن هذا الوقت المستقطع يسمح للمتلقي بفهم نية الشخص الذي يمارس الصمت.

  • محاولة فهم سبب الصمت

لابد من محاولة فهم أسباب الصمت للأشخاص الذين يستخدمون المعاملة الصامتة، حيث يستخدمها البعض لتجنب الشعور بالأذى من التواصل المباشر، يفيد هذا الأمر في التعامل مع هؤلاء الأشخاص في المستقبل.

  • استخدام لغة تعاونية

عند بدء الجهود في كسر حاجز الصمت يفضل استخدام عبارات تعاونية مثل (نحن) بدلا من (أنا)، وتجنب اللوم والعبارات الاتهامية التي تبدأ ب (أنت).

  • عرض الحلول ووضع قواعد للاشتباك والصراع

يفضل إجراء حوار واقتراح الحلول مع وضع قواعد صلبة وحدود لكلا الطرفين مستقبلا، وتوضيح ما هو مقبول وما هو مرفوض في العلاقة (رفض استخدام المعاملة الصامتة).

اقرأ أيضا: أفضل الزيوت الطبيعية للمساج، وفوائد مذهلة للبشرة والجسم تعرف عليها

كيف تتعامل مع الصمت العقابي

أمور لابد من تجنبها عند التعرض للصمت العقابي

 

  • تجنب ممارسة الصمت العقابي من الشخص المتلقي (الضحية) في محاولة للانتقام أو كرد فعل على العقاب بالصمت الذي يتم استخدامه بالفعل.
  • ضبط النفس والسيطرة على المشاعر، حيث أن المعاملة الصامتة قد تحفز استجابة محمومة وغير متوقعة من الشخص المتلقي مثل الغضب الشديد أو مطاردة الشخص الصامت لمحاولة إعادة الاتصال.
  • التوقف عن تحمل المسؤولية، عن مواجهة المعاملة الصامتة لا تحرك ساكنا، ولا تخضع للإساءة، لا داعي للاعتذار، ولا يجب القيام بالخطوات الأولى في الصلح، حيث أن ذلك قد يحفز على استخدام العقاب بالصمت مستقبلا.

المراجع

https://psychcentral.com/health/the-silent-treatment

https://www.healthline.com/health/silent-treatment

https://www.choosingtherapy.com/silent-treatment/

https://psychcentral.com/blog/psychology-self/2020/03/narcissism-silent-treatment#1

د. شيماء ياسر

شيماء ياسر كاتبة محتوى طبي عربي، خريجة كلية العلوم قسم الكيمياء والحيوان بتقدير جيد جداً مرتفع، عملت في العديد من المعامل الطبية للتحاليل، وحصلت على الدراسات التمهيدية في قسم الفسيولوجيا، حاصلة على دبلومة الكيمياء الحيوية التحليلية بتقدير جيد جداً مرتفع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى